مناقشة البيان الوزاري لحكومة الرئيس سعد الدين الحريري (كانون الأول 2016 )

 

الرئيس: الكلمة للنائب سامي الجميّل.

سامي الجميل: دولة الرئيس،

أود بداية ان اوجه تحية كبيرة الى شخص نفتقد اليه اليوم في هذه الظروف الصعبة واليوم يصادف ذكرى استشهاده واعني الوزير محمد شطح وهو مناضل وصديق عزيز فأوجه اليه تحية كبيرة اينما كان.

هنالك كلام كثير يمكن ان يقال وكنت قد حضرت عدداً من الأفكار ولكنني قررت الا اقرأها وان استعيض عنها بكلمة من القلب اوجهها الى دولتك والى الزملاء النواب ودولة الرئيس الحريري ومعالي الوزراء وهي ان نعود لنتذكر السبب الذي يكمن وراء وجودنا في الحياة السياسية ولماذا كرسنا حياتنا للبنان وانا هنا اتحدث عن نفسي على الأقل وعن كتلة نواب الكتائب. كرسنا حياتنا للبنان وتحسين حياة اللبنانيين وتقديم مستقبل افضل للشباب والصبايا في هذا البلد.

منذ ان دخلت الحياة السياسية كان هذا الهدف وهنالك من اعطي حياتهم للبنان وهم يستحقون ان نتابع نضالنا لبناء بلد يشبههم ويشبه شباب لبنان الذي فقد الثقة بالحياة السياسية في لبنان وحتى بلبنان نفسه.

فكلما مررنا بظروف صعبة وطرحت اسئلة كبيرة وحصل تغيير جذري في البلد اعود لأسأل نفسي:" بالطريقة التي نعمل بها ما الذي يفيد البلد والناس وما الذي لا يفيد.

وبعد قراءة متأنية وجدت ان هنالك اسلوباً في التعاطي السياسي نمر به منذ فترة طويلة يبدأ برفض الخطأ ثم التماشي مع الخطأ وصولاً الى المشاركة فيه. ترتكب أخطاء امامنا ونرى اعوجاجات في الحياة السياسية والوطنية تؤدي الى تدمير لبنان منهجياً. في المرحلة الأولى ننتفض فنقاوم ونرفض وفي المرحلة الثانية نعتاد الأمر وفي المرحلة الأخيرة نشارك في الخطأ. على سبيل المثال، نقول ان في لبنان السيادة ليست كاملة فانتفضنا لكرامتنا لأن السيادة ليست عابرة بالنسبة الينا بل هي حق الشعب اللبناني في تقرير مصيره وسيادة الدولة على مستقبل ابنائها وحقه في تقرير مصيره وهذا ما حصل في 14 آذار 2005 عندما انتفض الشعب اللبناني مطالباً باسترداد القرار وقدمنا كماً هائلاً من التضحيات واستشهد من كان يدافع عن هذه الثوابت ويقول نعم لسيادة واستقلال لبنان ومنهم نائبا الكتائب بيار الجميل وانطوان غانم ، بعدها جرى استخدام السلاح في الداخل وتعطيل البلاد لمدة عشر سنوات شهدنا في خلالها على الكثير من الأحداث قاومنا ، واجهنا وناضلنا ثم رحنا نتأقلم الى ان خضعنا في النهاية ورضينا ان يكون في الداخل من له القدرة في التأثير على القرار اللبناني بقدر الباقين مجتمعين و مع الوقت بدأنا نغرق لأن هناك قراراً خارجاً عن اطار المؤسسات يفرض على اللبنانيين.

في ملف الفساد انتفضنا ايضاً على الواقع، ومن ثم سكتنا عنه وفي النهاية شاركنا فيه.

وكل ما يجري يعتبر "بسيطة"،

ان يكون في لبنان سلاحان، بسيطة!

ان يكون في لبنان فساد، بسيطة!

ان يكون في لبنان قضايا تطوى دون ان نعرف لماذا، بسيطة!

هناك قضايا تدهشنا في الاعلام الذي يثيرها لمدة ثلاثة او اربعة ايام ثم يتوقف الجميع عن تناولها فجأة وسأل، هل يتذكر احد قضية بنك المدينة ؟ رنا قليلات ومن كان معها ؟ هل فهم احد منا ما الذي حصل في هذه القصة ؟

وفي موضوع النفايات هناك فساد يقدر بملياري دولار ، وعندما اتخذنا القرار بالمواجهة في الشارع من الذي وقف الى جانبنا من كل الذين كانوا ينظرون الآن قبل ان اتحدث؟

اريد ان افضح اسراراً اليوم،  صدر قرار من قاضي الأمور المستعجلة يطلب فيه وقف المجزرة البيئية والفساد في قضية مكب برج حمود،  اود ان يقوم احد بالاتصال بهذا القاضي ليسأله عن عدد الاتصالات الهاتفية التي تلقاها بهذا الخصوص. وتساءل :" هل نتحدث عن فساد؟ الجميع كان شاهداً على الفساد في ملف النفايات فأين القضاء الذي تحرك؟ والأحزاب التي تحركت؟ والنواب؟

اليوم هل حلت المشكلة بعدما تركنا الملف، هل تحرك احد او تمت محاسبة احد؟

كل شيء بسيطة!

مشكلة سيادة بسيطة!

مشكلة فساد بسيطة !

ملفات تفتح وتقفل دون ان نعرف السبب، بسيطة!

اشخاص تدخل الى السجون بنفس الجرم بعضهم يسجن لعشر سنوات والآخر 6 اشهر، بسيطة!

يتعطل البلد سنتين ونصف السنة بانتظار الانتخابات الرئاسية، بسيطة!

يتعطل البلد عشرة اشهر من اجل تأليف حكومة، بسيطة!

وكل هذا اوصل البلد الى ما هو عليه اليوم والناس فقدت الأمل فيه والشباب تهاجر لأنها لاتجد قوى سياسية تناضل حقيقة وتعطيها املاً بان هناك من يتحدث باسمها وباسم الناس التي تضع نفسها تحت سقف القانون من رجال ونساء يذهبون الى العمل من الساعة السادسة صباحاً الى السادسة مساءً لإطعام أولادهم وادخالهم الى المدارس ويلتزمون بالقانون وبدفع الضرائب وفواتير الكهرباء وغيرها لأنهم "اوادم". اين مكان هؤلاء الناس بعد اليوم في لبنان ؟ ومن هو الملتزم اليوم في لبنان ومن هو الذي تحت القانون ؟ هل نتحدث عن قانون؟ ولا احد يلتزم فيه سوى "كم معتر"!

الاستسلام الحاصل والرضوخ للأمر الواقع الذي يقضي بأن يخرج  موضوع السيادة والعلاقات الخارجية للبنان من التداول العام، ليتفرغ الجميع للعمل على ملفين او ثلاثة لا أكثر تماماً كمن يدور في ملعب لكرة القدم ولا يحق له ان يتخطاه الى امور اكثر اهمية. منذ اللحظة التي تم  فيها القبول بهذا المنطق والتنازل عن حق تقرير المصير اطلق سراح العمل في البلد.

لا يادولة الرئيس، هذا يعتبر مساساً بكرامة المواطن اللبناني.

ونحن اما ان نكون ممثلين للشعب اللبناني فيحق لنا ان نناقش كل المواضيع وأن نرفض ان ينجر لبنان الى معارك ليس له فيها، وان يتعرض ابناؤه للأذى في دول ليس لنا فيها كما انه من واجبنا ان نحمي كل من يولد في هذا البلد بغض النظر عما إذا كنا نتفق معه بالسياسة او لانتفق.

وأضاف الجميل :"نحن ككتائب كنا امام خيارين، اما ان نرضى بالعيش وفق هذه الشروط وان نتماشى مع الصفقة التي حصلت في البلد وهذه الحكومة هي جزء صغير منها، وكان ليكون امراً بمنتهى السهولة، ولكننا طرحنا اسئلة على انفسنا هل نرغب في ان نكون خارج هذه الصفقة ام لا واؤكد ان الكثيرين قالوا "ياجماعة شو عم تعملوا؟ امشوا ظبطوا اوضاعكم". وهناك اناس كانوا من موقع الحرص علينا وهم من كل الأحزاب الموجودة قالوا لنا " انها المعادلة الموجودة وعليكم ان تسيروا بها فتشكيل الوزارة آت وكذلك الانتخابات النيابية ونصحونا بأن "نلطي"

وقد فكرنا كثيراً بالموضوع ولكننا وصلنا الى مكان تساءلنا فيه عن سبب وجودنا بالحياة السياسية. هل هو للقبول بالمشاركة في الخطأ ؟ وهل يجب ان يبقى في لبنان صوت حر ام لا؟ وهل يجب ان يبقى في لبنان معارضة تشير الى الخطأ وتعطي رأيها وتتحدث بأسم جزء كبير من الناس من كل الطوائف مسلمين ومسيحيين يرفضون الأداء الحالي.

واضاف:"اصبحت المعادلة ان من يتحدث بالمبادئ والثوابت هو تافه ورجعي تخطاه الزمن فالوقت اليوم لتظبيط الأوضاع على حساب كل شيء.

فهل هذا ما نريده ام اننا نعمل في السياسة لأننا نملك حلماً بأن يكون لبان بلداً حقيقياً. فالسيادة بالنسبة لنا ليست تفصيلاً،

فنحن نريد بلداً يكون حقيقة سيداً حراً ومستقلاً  يملك جيشاً واحداً وقوى امن تنتشر على كل الأراضي اللبنانية وان يكون خالياً من البؤر الأمنية والا يكون فيه اناس بسمنة وآخرين بزيت او مواطنون درجة اولى وآخرين درجة ثانية. جزء يحق له أن يحمل السلاح وجزء آخر لا، والبعض يحق له ان يقاتل خارج لبنان والآخر لا وناس تسجن وناس لا.

نحلم ببلد يكون حقيقة سيداً حراً ومستقلاً كما نستحقه و كما يستحقه كل الشهداء الذين سقطوا دفاعاً عن سيادة لبنان واستقلاله.

نحن نستحق ان نعيش في ديمقراطية حقيقية فيها التزام بالمواعيد الدستورية وحرفية الدستور في الانتخابات الرئاسية والنيابية دون تأجيل او تعطيل ونحلم ببلد يلتزم بالاستحقاقات وفيه حرية إبداء الرأي لكل انسان ويصوت كما يشاء ونحلم ببلد فيه دولة تهتم بالناس وليس بتقاسم نفسها!

وتابع رئيس الكتائب: سمعت كثيراً عن الفساد قبل ان اتحدث وبالنسبة الي بدأ الفساد بتشكيل الحكومة فبمجرد الحديث عن وزارة خدماتية فهذا يعني اننا نكرس الفساد في رأس الهرم.

ماذا يعني حكومة خدماتية؟ وماذا يعني ان يقال هنالك انتخابات ونريد وزارة خدماتية؟ يعي اننا نريد ان نستفيد من الوزارة ونستعمل السلطة لتركيع الناس في الانتخابات النيابية . هذا ما يعنيه ان نبقى شهر من الزمن نتناتش الوزارات الخدماتية.

فبالنسبة الينا ولنكون واضحين، لقد اتخذنا خيارنا وهو خيار دفعنا ثمنه و نحن فخورون بذلك لسببين اولهما ظروف التشكيل والتوازن في هذه الحكومة.

ففي هذه الحكومة هناك 17 وزيراً على الاقل يتشاركون نظرة سيادية تتناقض مع نظرتنا في السيادة اي اكثر من النصف زائد 1.

عندما دخلنا الحكومة السابقة كان التوازن موجوداً اليوم هو مفقود. انها حكومة من لون واحد. او على الأقل لون فاقع وهو امر نحترمه ويجب ان تفرحوا لأنكم تملكون الأكثرية في الحكومة. واقولها صراحة نحن لم نعرف بالتشكيلة حتى آخر لحظة ولم نكن نعرف اي توازن فيها ولو عرفنا لا قبلنا أن نشارك. وبصراحة مطلقة اقول المطلوب استعادة ثقة الناس في الحياة السياسية  ونحن نطرح انفسنا كفريق يسعى الى استعادة هذه الثقة على الأقل بحزب سياسي يمارس الحياة السياسية بالطريقة التي تتناسب مع مبادئنا وثوابتنا ومقاربتنا للعمل السياسي في لبنان مبني على قول الحقيقة وان المبادىء والثوابت ليست تفصيلاً في الحياة السياسية وان يكون في لبنان مساءلة ونتمنى ان تكون الجلسات شهرية ليتسنى لنا ان ندل الى الأخطاء.

وتمنى الجميل النجاح للحكومة لأنه بذلك يكون البلد قد نجح ولا احد يتمنى الضرر لنفسه ولكن انطلاقاً من شكل الحكومة ومن التزامنا بهذه الثوابت والمبادىء ورفضنا ان يكون هناك فكر سياسي نعتبر أنه  يتناقض مع رؤيتنا للبنان بلد حضاري ومتطور ويتناقض وانطلاقاً من ان لهذه الحكومة في اكثريتها فكر سياسي منقض لفكرنا لا سيما في موضوع السيادة فإننا نحجب الثقة عن هذه الحكومة.

ولكن في الوقت نفسه نحن نكرر ان مشكلة لبنان هي بنيوية ومازلنا الى اليوم نرقع ونحي بواسطة الانعاش الاصطناعي مؤسسات ميتة ونظام سياسي مهترىء ونحن بحاجة الى إعادة النظر في نظامنا السياسي وان نطور مؤسساتنا حياتنا السياسية وهذا يبدأ بانتخابات نيابية يتمثل فيها اللبنانيون بطريقة صحيحة ليشكل اول مجلس منتخب على اساس قانون منصف للبنانيين يسمح للمجتمع المدني والمستقلين وكل الاصلاحيين في البلد بأن يتمثلوا في المجلس النيابي وفور الانتهاء منها يجب ان نفتح ورشة في المجلس لإعادة النظر في كل الاعوجاج الأساسي في تركيبة النظام السياسي وان ننتقل فوراً الى الجمهورية الثالثة التي ننشدها اليوم تكون مبنية على اسس جديدة وعلى الصراحة ومؤتمر مصارحة ومصالحة بين اللبنانيين وهو لم يحصل بين اللبنانيين بعد الحرب ولا بأس ان حصل متأخراً وبهذا نضع هواجسنا على الطاولة دون كذب متبادل او تربص بالآخر ان نضع هواجسنا وطموحاتنا للمستقبل بدءا بحزب الله ونحن وتيار المستقبل والتيار الوطني الحر والقوات اللبنانية وحركة امل والحزب الاشتراكي وكل الأفرقاء الذين يتكون منهم البلد لنرى كيف يمكن ان نعيد بناء الثقة التي لا تعاد الا بالمصارحة والمصارحة وان ننكب فوراُ والانكباب على دراسة كل ما يعطل الثقة بين اللبنانيين وأولها مركزية الدولة التي تضع الطوائف اللبنانية في حالة صراع دائم على السلطة هذا هو بيت القصيد وهذا ما يحتاج الى معالجة.

تواصل معنا