الجميّل: نحن مع جمهورية ثالثة والمنظومة تخطط لتأجيل الإنتخابات، وحزب الله أول من مهّد للتطبيع

 

أزمة الجيش اللبناني

شدد الجميّل في لقائه مع "عربي بوست" على أهمية الجيش اللبناني، استناداً الى خطاب قائد الجيش اللبناني العماد جوزيف عون الذي هاجم فيه السلطة السياسيّة وحمّلها مسؤولية تجويع الناس وإيصال البلد الى هذه الحال السيئة.

كما أكّد الجميّل أن المؤسّسة العسكرية هي الوحيدة اليوم التي تحمي الشعب اللبناني وتحافظ على وحدة لبنان، وقائد الجيش متخوف على وحدة المؤسسة الوطنية الأخيرة المتماسكة.

التحركات الأخيرة تستغلها قوى سياسية

وفيما يخصّ التحرّكات الأخيرة والتظاهرات في عدّة مناطق لبنانية، خصوصاً الأسبوع الأخير، أوضح الجميّل أنه منذ 17 تشرين الأول، شارك الحزب في هذه التظاهرات إلى جانب الشعب المنتفض على السلطة السياسية، مطالباً بالتغيير وإسقاط المنظومة السياسية الحالية.

لكن أضاف أنه في التحرّكات الأخيرة، هناك جهات سياسية اخترقت هذه التحرّكات نسبة إلى الشعارات التي رُفعت، وهي مختلفة عن شعارات 17 تشرين، لذا تحفَّظ حزبه عن النزول إلى الشارع "منعاً لتنفيذ أجندة سياسية معينة".

كما أكّد أنّ "الشعب اللبناني موجوع، ومن حقّه أن يعبّر عن هذا الشعور"، متوقّعاً عودة الشعب اللبناني إلى الشارع؛ للمطالبة بالتغيير بمعزل عن التدخلات الدولية والإقليمية، وأن محاولة إشعال الشارع من قِبل السطلة السياسية في الأسبوع الأخير، باءت بالفشل.

التدويل لا يعني وصاية دولية

وعلَّق سامي الجميّل على خطاب البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي عالي النبرة واللجوء إلى التدويل، قائلاً إن للتدويل معاني كثيرة، فهو من فريق معيَّن يُستخدم للتخوين، ومن فريق آخر يُستخدم للمزايدة على الآخرين.

وأوضح أن من الضروري تحديد المقصود من التدويل، متسائلاً باستنكار: "هل مؤتمر سيدر يعتبر تدويلاً أم لا؟ ماذا عن مؤتمر دعم لبنان الذي دعا إليه ماكرون عقب انفجار المرفأ؟ ماذا نعني بكلمة تدويل؟".

وأضاف: "إذا كان التدويل يعني وصاية دولية توقّف عمل المؤسسات وتعمل مبدأ الانتداب، فهذا أمر لم تشهده أي دولة في العالم الحديث. وإذا كان التدويل معناه أخذ هذه المنظومة السياسية برعاية دولية وتجتمع لعقد تسوية جديدة على حساب الشعب اللبناني، فنحن نرفض ذلك، لأنهم لا يأتمنون هذه السلطة السياسية بتأمين مستقبل الشباب والبلد".

ما هو الحل في لبنان؟

وفي رأي الجميّل فإن لبنان بحاجة الى أمرين: الأول هو أن يكون هناك قرار دولي بتنفيذ القرارين الصادرين عن مجلس الأمن الدولي المتعلّقة بلبنان وهما 1559 و1701 والذين يطالبان بحصر السلاح بيد الدولة، ومنع أي دولة من التدخل بشؤون لبنان، ومنع إيران من إرسال المال والسلاح إلى الداخل اللبناني، ومنع أي طرف آخر غير إيران أيضاً. وكذلك حماية لبنان وسيادته واستقلاله وحدوده.

أما النقطة الثانية، فهي أنه على الشعب اللبناني أن يتحمّل مسؤوليته أيضاً، وعدم الاتّكال على الآخرين، واستكمال الانتفاضة الشعبية السياسية الانتخابية، ومنع أي محاولة لخطف لبنان مجدداً عبر إلغاء الانتخابات النيابية التي ستسمح للشعب اللبناني بالتغيير السلمي.

تأجيل الانتخابات

وأشار إلى أن لديه معلومات تؤكّد أن هناك تخطيطاً جدّياً لتأجيل الانتخابات النيابية لمنع الشعب اللبناني من إعطاء كلمته بهذه المنظومة المترابطة المتحالفة على قاعدة "الميليشيا والمافيا". الميليشيا- في رأيه- هي حزب الله، والمافيا هي المنظومة السياسية المتعاونة معه والمستسلمة له وانتخبت له رئيساً للجمهورية هو ميشال عون، على حد قوله.

وشدد على أن كل هذه المنظومة مترابطة بعضها مع بعض، وبحسب الجميل فإن الأحزاب المتخاصمة فيما بينها التقت بعيداً عن الأضواء؛ في محاولة للبحث عن آليات عملية وحجج دستورية لإلغاء الانتخابات، لأنها باتت تدرك أن اللبنانيين سيحاسبونها في صناديق الاقتراع في أول فرصة.

مَن المسؤول عن انفجار بيروت؟

وحول ملف انفجار مرفأ بيروت، يحمّل الجميّل من خلال حزب الكتائب، السلطة مجتمعةً مسؤولية هذه الكارثة التي دمرت مصف بيروت.

ويؤكد الجميل أن الجميع يعرف من يملك هذه المواد التي انفجرت، مشيراً إلى أن حزبه جزء من الدعوى المقامة ضد الدولة اللبنانية التي تتصرف دون خجل في هذا الملف والتي عزلت القاضي صوان عن متابعة القضية.

ويرى سامي الجميّل أن وسائل الإعلام بذلت جهداً استقصائياً كبيراً يُثبت لمن ترجع هذه المواد التي استُجلبت إلى لبنان، ويجب الانطلاق من هذه التحقيقات الإعلامية والصحفية لمتابعة سير التحقيق.

مستقبل المبادرة الفرنسية

وقال الجميّل في مقابلته مع "عربي بوست"، إن الطبقة السياسية الحاكمة تمكنت من إدخال الإدارة الفرنسية فيما سماه "وحول السياسة اللبنانية" القائمة على التحاصص.

ويرى أن فرنسا هي من الدول القليلة المهتمة بلبنان، وأن المجتمع الدولي والدول العربية لم يعد لبنان مهماً لها، بسبب فساد الطبقة السياسية، وما يجري اليوم هو في إطار إعادة تعويم المجموعة الحاكمة على حساب الناس، على حد قوله.

وذكّر بأن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون قال أنه لن يعود إلى لبنان قبل أن يلمس تغييرات في تعاطي الأطراف السياسية التي خذلته ولم تفِ بوعودها.

الجمهورية الثالثة

وحول خطاب حقوق المسيحيين، يجيب الجميّل بأن معاناة المسيحيين في لبنان هي معاناة المسلمين نفسها، واستخدام خطاب حقوق المسيحيين هدفه التهرب من فشل الأحزاب المسيحية ولإعادة تعويم أنفسهم أمام قواعدهم، لأن خطابهم لم يعد يقنع قواعدهم الحزبية، لذا يلجأون إلى الخطاب الطائفي.

وحول تهرُّب الأحزاب المسيحية من مطالبة رئيس الجمهورية ميشال عون بالاستقالة، يؤكد الجميّل أنه مع استقالة عون ولكن الأهم هو استقالة مجلس النواب وإقامة انتخابات نيابية لينك إنتخاب مجلسا شرعيا ممثلا للشعب يعيد تكوين السلطة عبر انتخاب رئيسا جديدا للجمهورية ويشكل حكومة جديدة تكون قادرة على مواجهة التحديد وإعادة النهوض بلبنان؛ ثم تعمل السلطة الجديدة على تطوير النظام السياسي على قاعدة جمهورية ثالثة، عبر تثبيت سيادة لبنان وتعزيز الدولة المدنية بدءا من إلغاء الأحوال الشخصية الطائفية والعمل على إقرار قانون أحوال شخصية مدني، واعتماد اللامركزية وقانون إنتخابي جديد، مؤكدا على ضرورة البدء بالتغيير الديمقراطي عبر الانتخابات التي هي الطريق الوحيد لتفادي العنف.

وحول طرح البطريرك الراعي بضرورة الحفاظ على اتفاق الطائف، يؤكد الجميل أن لحزبه نظرته الخاصة لمقاربة الموضوع وبأنه على كل الأحوال يجب العمل من داخل النظام الحالي لتعديله وإلا نكون أمام إنقلاب دستوري وهذا من يرفضه.

ترسيم الحدود وإسرائيل

وفي ملف ترسيم الحدود يجيب الجميّل بأن حزب الله هو من فتح الباب للتطبيع مع إسرائيل منذ سنوات أولا عبر وسطاء للتفاوض على الأسرى ومؤخرا شهدنارئيس البرلمان نبيه بري، بتكليف من الحزب، أجرى تواصلاً مع الأميركيين لاستكمال ملف ترسيم الحدود وتأمين الحوار مع إسرائيل، وحزب الله يزايد على اللبنانيين بالمقاومة، فيما هو يخدم مشروعاً خارجياً لا يعنيه لا فلسطين ولا لبنان، وسيستخدم سلاحه ورقة في التفاوض بين واشنطن وطهران.

وحول ملف التطبيع مع إسرائيل في ظل موجات التطبيع العربية، يرى سامي الجميل أن لديهم مشاكل عديدة مع إسرائيل، أهمها اللاجئون الفلسطينيون والحدود والتعديات الدائمة على السيادة، ويجب إجراء تفاوض حقيقي لتحقيق مصالح اللبنانيين، التي تبدأ بترسيم كل الحدود مع سوريا وإسرائيل، والثانية حول عودة اللاجئين الفلسطينيين ووقف الإعتداءات، فيصيح لدينا دولة سيدة مستقلة قادرة على الدفاع عن نفسها وتطالب بحقوقها وتبني مستقبلا أفضلا لشعبها وحياة تليق بشعبها.

الأصل- بحسب الجميّل- أنه من حق اللبناني أن يعيش بسلام وليس بحالة حرب دائمة، فالعالم متجه للسلام ولا يجب البقاء رهينة حروب حزب الله وإيران في المنطقة.

وحول المبادرات الأميركية، يجيب الجميّل بأن هناك مبادرة بيروت للسلام عام 2002، أجمع عليها العرب، وأنه معها.

اللاجئون السوريون

وفي الملف السوري وقضية النازحين واستخدامها في خطاب العنصرية المتزايد، يجيب الجميل بأنّه ضد هذا الخطاب الذي يُستخدم للتحشيد المذهبي والطائفي، بسبب الخسائر التي تعيشها الأحزاب.

لذا فإنه وبرأي الجميّل، يجب تأمين عودة آمنة للنازحين والسوريين.

وكشف الجميّل عبر "عربي بوست"، أنه زار موسكو والتقى مبعوث الرئاسة ميخائيل بوغدانوف، وتناقش معه حول ملف النازحين، وعبَّر له عن ضرورة أن تقوم موسكو مع المجتمع الدولي بتأمين عودة آمنة للنازحين؛ لكون روسيا "بتمون" على نظام الأسد.

ووفق الجميّل، فإن على وزارة الخارجية اللبنانية متابعة هذا الملف لكن للأسف لا يوجد وزارة خارجية بل أشباح منذ زمن، ولبنان تحت الوصاية ولا يمتلك وزير الخارجية قرارا سياديا للدفاع عن مصالح بلده أمام الاخرين، على حد تعبيره.

ويرى الجميّل أن الوزير جبران باسيل كان في ظل توليه وزارة الخارجية، مهتما أكثر في ملف الغاز والنفط أكثر من وزارته.

جبهة جديدة للمعارضة

ويكشف أنه ومجموعات تغييرية سيادية عديدة يحضرون لجبهة سيعلن عنها قريبا، بهدف مواجهة السلطة والتحضير للاستحقاقات الانتخابية القادمة في كل المناطق اللبنانية كما لما هو أبعد من الانتخابات.

وأوضح أن الجبهة الجديدة تضم أحزابا ومجموعات وشخصيات وطنية معارضة وموثوقة، وستحقق رقماً في المشهد اللبناني.

ويرفض الجميّل شيطنة حزبه، ويجيب بأن جزءاً كبيراً من اللبنانيين كان ينتمي إلى أحزاب سياسية، وأن حزبه اليوم على تواصل مع مجموعة كبيرة من المعارضة الحقيقية لهذه المنظومة الحاكمة.

تواصل معنا